كانت حنة بنت فاقوذا زوجة الشيخ عمران ، امرأة عاقراً لا يتلد أطفالاًُ وكانت تتمني أن يرزقها الله طفلاً تسعد به ، وتسعد به زوجها ...
وأخيراً استجاب الله دعاء حنة وجاءتها البشارة . لقد حملت وبدأ الجنين يتحرك فى بطنها فرحت حنة فرحاً شديداً ، وغمرتها السعادة . لقد حقق الله لها أمنيتها رغم أنها
تقدمت فى السن ، وزوجها شيخ كبير . ونذرت أن تهب مافي بطنها لخدمة بيت الله (بيت المقدس (
ومرت الأيام وحين وضعت حنة مولودها حزنت حزناً شديداً لأن المولود كان أنثي ، والأنثي لا تصلح لخدمة بيت الله وقالت : فَلَمَّا وَضَعَتْهَا قَالَتْ رَبِّ إِنِّي وَضَعْتُهَا أُنثَى وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا وَضَعَتْ وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالأُنثَى وَإِنِّي سَمَّيْتُهَا مَرْيَمَ وَإِنِّي أُعِيذُهَا بِكَ وَذُرِّيَّتَهَا مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ .. آل عمران 36
رحم الله ضعف هذه الأم ، وقبل نذرها فى أن تكون ابنتها خادمة لبيت الله .
أسرعت حنة ولفت ابنتها مريم فى ثيابها وحملتها إلي بيت المقدس ثم أعطتها للأحبار فيه ، وقالت لهم : هذه ابنتي ، وقد نذرتها لخدمة بيت الله . وعادت إلي بيتها مطمئنة
القلب ، ومرتاحة البال . فقد أدت ماعليها من نذر لله .
وتسابق الأحبار ، كل منهم يريد أن يتولي أمر مريم وتربيتها فقال لهم زكريا : أنا أحق منكم جميعاً بتربيتها لقد مات أبوها (عمران)وأنا زوج خالتها ..
لكن كل واحد منهم أصر علي موقفه وأخيراً اتفقوا علي عمل قرعة وهي أن يذهبوا جميعاً إلي النهر وكل واحد يلقي بقلمه فيه فمن يطفو قلمه علي سطح الماء هو الذي يتولي أمر
مريم .
وهناك علي شاطئ النهر وقفوا وألقي كل واحد قلمه فى الماء فغاصت الأقلام كلها فى النهر إلا قلم سيدنا زكريا عليه السلام فقد طفا علي سطح الماء : ذَلِكَ مِنْ أَنبَاء الْغَيْبِ نُوحِيهِ إِلَيْكَ وَمَا كُنتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يُلْقُون أَقْلامَهُمْ أَيُّهُمْ يَكْفُلُ مَرْيَمَ وَمَا كُنتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يَخْتَصِمُونَ .. آل عمران 44 .
تولي سيدنا زكريا عليه السلام أمر مريم وتربيتها وبني لها غرفة عاليه فى بيت المقدس وظل يخدمها ويوفر لها كل حاجاتها ، نشأت مريم فى محرابها ، تعبد الله فى خشوع وضراعة
وتخدم فى بيته وفاءاً لنذر أمها حنة .
وذات يوم دخل عليها زكريا المحراب فدهش لما رآه .. لقد وجد عندها طعاماً لم يحضره لها ، فسألها فى استغراب : من أين لك هذا ..؟ من الذي أحضر لك هذا الطعام ،
وأنت فى مكان لا يدخل عليك أحد ..؟! قالت مريم : هو من عند الله ، إن الله يرزق من يشاء بغير حساب .
كان زكريا كلما دخل علي مريم المحراب يجد عندها طعاماً لم يحضره لها وفى الشتاء يجد عندها فاكهة الصيف وفى الصيف يجد عندها فاكهة الشتاء أدرك زكريا أن الله سبحانه
وتعالي قد اختص مريم بمنزلة كريمة ، وأنه قد اصطفاها دون سائر النساء .
كانت الملائكة تأتي إلي مريم فى محرابها ، تبشرها بأن الله منحها منزلة عالية وفضلاً عظيماً وعليها ان تقابل ذلك بشكر الله وحمده وأن تكثر من عبادته فكانت كل وقتها فى عبادة
الله وخدمة بيته حتي كبرت وأصبحت شابة ناضجة ..
وذات يوم وبينما مريم تعبد الله فى خشوع ظهر أمامها ملك من السماء فى صورة إنسان وقال لها : أنا رسول ربك جئت أبشرك بأن الله سيهب لك ولداً زكياً .
دهشت مريم من كلام الملك ، وتساءلت : كيف يكون لي ولد وأنا فتاة لم أتزوج ..؟ قال الملك : قَالَ كَذَلِكِ قَالَ رَبُّكِ هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ وَلِنَجْعَلَهُ آيَةً لِلنَّاسِ وَرَحْمَةً مِّنَّا وَكَانَ أَمْرًا مَّقْضِيًّا .. مريم 21 .
جلست مريم حائرة تفكر فيما قاله الملك ، وتخيلت ماسيقوله الناس عنها .. عن فتاة تحمل وتلد من غير أن يكون لها زوج . لا شك أنهم سوف يتهمونها بسوء الخلق ويشكون
فى سلوكها .
لقد أصبحت مريم من يومها تحب العزلة وتميل إلي الجلوس وحدها ، كئيبة حزبنة تفكر فى هذا السر الرهيب فى بطنها . لا تهنأ بطعام أو شراب حتي أحست بالجنين يتحرك فى
بطنها فخافت من الفضيحة والعار ..!! عندئذ ذهبت مريم إلي واد للرعاة مهجور وجلست فيه وحدها بعيداً عن أعين الناس إلي أن حانت ساعة الولادة فاتكأت علي جذع
نخلة وقالت : فَأَجَاءَهَا الْمَخَاضُ إِلَى جِذْعِ النَّخْلَةِ قَالَتْ يَا لَيْتَنِي مِتُّ قَبْلَ هَذَا وَكُنتُ نَسْيًا مَّنسِيًّا .. مريم 23
ثم وضعت مولودها عيسي عليه السلام ولم يكن معها أحد يساعدها فى مثل هذه الحالة التي تحتاج فيها المرأة إلي المساعدة . لكن الله كان معها وهو كافيها .
حملت مريم وليدها ، وعادت إلي قريتها وحين رآها أهل القرية أصابتهم الدهشة والعجب وصرخوا فى وجهها بعضهم يتهمها فى شرفها وعرضها وبعضهم مشفق عليها ويقول لها
يا مريم لقد كان أبوك رجلاً عالماً وصالحاً وكانت أمك امرأة فاضلة فَأَتَتْ بِهِ قَوْمَهَا تَحْمِلُهُ قَالُوا يَا مَرْيَمُ لَقَدْ جِئْتِ شَيْئًا فَرِيًّا
يَا أُخْتَ هَارُونَ مَا كَانَ أَبُوكِ امْرَأَ سَوْءٍ وَمَا كَانَتْ أُمُّكِ بَغِيًّا .. مريم 27-28
لقد تعرضت الأم مريم لمحنة قاسية ، لم تتعرض لها أم شريفة عفيفة ولكنها واجهتها وتحملتها مؤمنة بربها راضية بأمره وقضائه ..
ولم تجد مريم جواباً علي اتهامات الناس غير ان لجأت إلي الله وأشارت إلي ابنها الرضيع وقالت : إسألوه . تعجب القوم من مريم كيف يسألون طفلاً رضيعاً لا يستطيع الكلام
لكن الجواب جاءهم عن لسان هذا الوليد حين أنطقه الله وقال لهم : قَالَ إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ آتَانِيَ الْكِتَابَ وَجَعَلَنِي نَبِيًّا .. مريم 30
ذهل القوم من هول المفاجأة وآمنوا بأن لهذا الطفل شأناً عظيماً وإن كلامه وهو فى المهد آية من الله علي براءة مريم من كل شك أو سوء خلق ..
لكن بعض الناس ممن لم يسمعوا عيسي يتكلم ظنوا أن هذه حيلة من اهل مريم لتبرئتها من تهمتها وظلوا يتهمونها بسوء الخلق .
فى وسط كل هذه الاتهامات والشكوك عاشت مريم ولا هم لها إلا تربية ابنها ورعايته كانت تتحمل نظرات الشك فى عيونهم بنفسية المؤمن الواثق بطهارته والمطمئن لحكمة ربه .
ولما شب عيسي عليه السلام أرسلته الأم مريم ليتعلم فأقبل عيسي علي التعليم وأحبه حتي عرف بين زملائه بالذكاء وحسن الخلق وكان مضرب الأمثال فى فهمه وتصرفاته وحين
علم اليهود بأمر هذا الغلام المبارك خافوا منه وحقدوا عليه وتوعدوه بالإيذاء والسوء خافت الأم مريم علي ابنها من اليهود فهي تعلم غدرهم وسوء نياتهم فأخذته وفرت به إلي مصر
لتحميه منهم .
وهناك فى مصر أقامت مريم تعمل وتكدح لتربي ولدها وتوفر له كل أسباب الراحة كانت تغزل الكتان وتبيعه وتلتقط سنابل القمح فى أيام الحصاد وهي تحمل عيسي علي كتفها
وعلي الكتف الآخر تضع الوعاء الذي تجمع فيه السنابل ، ولما بلغ عمر عيسي ثلاث عشر سنه عادت به إلي القدس وأقامت فى بلده تسمي الناصرة .
كانت دائماً تلاحظ عيسي وتراقبه وتخاف عليه من اليهود وتبذل كل جهدها فى تربيته وتعليمه ، كانت تعده لليوم الموعود الذي ينتظره حتي بلغ عمره ثلاثين عاماً ..
وفى أحد الأيام صعد عيسي مع أمه جبل الزيتون وبينما هو يصلي ، إذا بنور يملأ المكان من حوله وجاءه وحي الله يخبره بأن الله اختاره نبياً مرسلاً إلي بني إسرائيل لينشر بينهم
رسالة المحبة ويعيدهم إلي طريق الله الحق .
جلس عيسي مع امه التي تولت رعايته وتربيته وحدها وتحملت فى سبيل ذلك العناء والمشقة حتي صار رجلاً بين الرجال ..
وقص عليها أمر الوحي الذي جاءه من ربه وأصبح عليه من الآن أن يستحمل عبء الرسالة ومشقة الدعوة إلي طريق الله الصحيح وتبليغها إلي الناس وأنه لم يعد قادراً علي البقاء
معها إن مسئوليات الرسالة التي كلفها ستشغله عن كل شئ حتي أمه .
كانت مريم تسمع حديث ابنها وقلبها يرفرف من الفرحة والسعادة إن ابنها الذي اتهمها الناس فى شرفها عندما ولدته والذي تولت تربيته والعناية به أصبح اليوم رسولاً من الله إلي
الناس فقالت له : يابني .. إني علمت ذلك قبل أن تولد ، اذهب يابني لتبليغ دعوة الله ونشر دينه .
فارق عيسي أمه بعد أن عاش معها ثلاثين عاماً قامت خلالها بإعداده للعمل العظيم الذي ينتظره .. بدأ سيدنا عيسي عليه السلام يدعو إلي عبادة الله الواحد ، وأخذ يدعو بني
إسرائيل إلي الإيمان وقال لهم :- إني رسول الله إليكم أدعوكم إلي طاعة الله الواحد القهار ، وترك المعاصي التي تغضب الله لكن القوم لم يستمعوا إليه وسخروا منه فأحس
عيسي عليه السلام بالحزن علي قومه وأراد لهم الهداية فقال لهم : هل تؤمنون بالله إن جئتكم بمعجزة ..؟
قالوا له وما هي هذه المعجزة ..؟ قال عيسي : وَرَسُولاً إِلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنِّي قَدْ جِئْتُكُم بِآيَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ أَنِّي أَخْلُقُ لَكُم مِّنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ فَأَنفُخُ فِيهِ فَيَكُونُ طَيْرًا بِإِذْنِ اللَّهِ وَأُبْرِئُ الأَكْمَهَ وَالأَبْرَصَ وَأُحْيِي الْمَوْتَى بِإِذْنِ اللَّهِ وَأُنَبِّئُكُم بِمَا تَأْكُلُونَ وَمَا تَدَّخِرُونَ فِي بُيُوتِكُمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لَّكُمْ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ .. آل عمران 49
فقالوا له : إن فعلت ماتقول سنؤمن بك ، ونصدق ماتقول فأخذ عيسي عليه السلام الطين ، وشكله علي هيئة طائر ثم نفخ فيه ، فصار طائراً بإذن وطار أمامهم فى الفضاء .
فقال أحدهم : والله إنه لساحر .. وقال آخر : هل تستطيع ياعيسي يابن مريم أن ترد البصر إلي هذا الرجل الأعمي ..؟
رد عيسي : نعم .. بإذن الله .. فتقدم إليه الرجل الإعمي ، فمرر سيدنا عيسي يديه علي عينيه ، ففتح الرجل عينيه وأبصر بإذن الله .
لكن القلوب إذا تحجرت عميت عن الحق ، وضلت وأضلت . ولم يؤمن قوم عيسي ولم يتبعوه ، بل قالوا له : لن نؤمن بك حتي تحيي الموتي .
سبحان الله .. كل هذه المعجزات تحدث أمامهم ، ويطالبون رسول الله بمعجزة أخري !! فما كان من عيسي إلا أن ذهب إلي قبر رجل وأمره أن يقوم بإذن الله ، فقام الميت
وخرج من قبره ، وهو ينفض رأسه من التراب ..
ومع كل هذا لم يؤمن بنو إسرائيل ، ولم يصدقوا عيسي عليه السلام ، بل قالوا حجة الكفر الأبدية : إنك سحرتنا ولن نصدقك أبداً وانصرفوا من حوله وتركوه وحيداً لم ييئس عيسي
عليه السلام من بني إسرائيل ، وظل يدعوهم إلي عبادة الله ويقول لهم : وَإِذْ قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُم مُّصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ وَمُبَشِّرًا بِرَسُولٍ يَأْتِي مِن بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ فَلَمَّا جَاءَهُم بِالْبَيِّنَاتِ قَالُوا هَذَا سِحْرٌ مُّبِينٌ .. الصف 6
فسأله أحد الرجال : ياعيسي هل تستطيع أن تخبرني ، ماذا أدخر فى بيتي ..؟ .. قال عيسي : تدخر فى بيتك كذا وكذا .. وذكر له مايدخره فى منزله .. فما
كان من الرجل إلا أن سكت ولم ينطق بكلمة ، فكل ماقاله عيسي عليه السلام صحيح ..
وأقبل العميان والمرضي إلي عيسي عليه السلام جماعات جماعات ، فكان عليه السلام يرد إلي العميان أبصارهم ويشفي المرضي من أمراضهم بإذن الله معجزات كثيرة أجراها
الحق علي يد سيدنا عيسي عليه السلام ليؤمن به بنو إسرائيل ، ولكنهم سدوا آذانهم عن سماع دعوة الحق ، فقال لهم عيسي : وَمُصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ وَلِأُحِلَّ لَكُم بَعْضَ الَّذِي حُرِّمَ عَلَيْكُمْ وَجِئْتُكُم بِآيَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ فَاتَّقُواْ اللَّهَ وَأَطِيعُونِ
إِنَّ اللَّهَ رَبِّي وَرَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ هَذَا صِرَاطٌ مُّسْتَقِيمٌ .. آل عمران 50-51 .
فقالوا له : لن نؤمن بك ياعيسي إن هذا سحر عظيم ..
فقال عيسي : مَنْ أَنصَارِي إِلَى اللَّهِ .. آل عمران 52 .
قَالَ الْحَوَارِيُّونَ نَحْنُ أَنصَارُ اللَّهِ آمَنَّا بِاللَّهِ وَاشْهَدْ بِأَنَّا مُسْلِمُونَ .. آل عمران 52 ،، ثم نظروا إلي السماء وقالوا : رَبَّنَا آمَنَّا بِمَا أَنزَلْتْ وَاتَّبَعْنَا الرَّسُولَ فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ
آل عمران 53 ..
وأود هنا أن أقول لكم يا أصدقاء أنه إذا جاء إنسان يقول : إنني رسول من عند الله . فهل يصدقه الناس أم يطالبونه بدليل قاطع علي أنه رسول ..؟ هكذا كان الناس يفعلون
مع الرسل الذين يرسلهم الله إليهم ، يدعونهم إلي عبادة الله الواحد ، وترك معتقداتهم الخاطئة . كانوا يطالبون الرسل بأدلة تثبت أنهم فعلاً مرسلون من الله وأنهم صادقون فيما
يبلغونه عن ربهم ولذلك شاءت إرادة الله أن يخص رسله بفعل أشياء يعجز الناس عن فعلها مهما أوتوا من علم وخبرة ومهارة ..
يفعلون أشياء غير مألوفة يستحيل علي غيرهم فعلها حتي تكون دليلاً قاطعاً علي أنهم فعلاً رسل الله .
هذه الأشياء التي يفعلها الرسل تسمي معجزات لأن الناس يعجزون عن فعل مثلها ولا يستطيع فعلها إلا الله عز وجل والذي يخص بها رسله وانبياءه ..
كما كان الله يخص كل رسول بمعجزة من جنس مانبغ فيه قومه ، حتي يعجزوا عن فعلها علي الرغم من نبوغهم وتكون دليلاً علي صدقه .
إن قوم سيدنا عيسي عليه السلام نبغوا فى الطب وعلاج المرضي ، وتقدموا فى هذا المجال جداً لذلك كانت معجزته من نفس مانبغ فيه قومه كان عليه السلام كما ذكرت لكم يشفي
المرضي الذين عجز الأطباء فى شفائهم ، بل ويستحيل عليهم فعل ذلك ، رغم تقدمهم فى الطب كان يشفي من ولد أعمي فيعيد إليه بصره ويستحيل علي الأطباء شفاؤه حتي فى
عصرنا هذا رغم تقدم الطب والعلم .
بل إنه كان يحيي الموتي بإذن الله ، فكان الميت يخرج من قبره حين يدعوه ويتكلم ويراه من يعرفه ويعرفونه ثم يموت بعد ذلك ويعيدون دفنه هذه معجزة أيده الله بها ويستحيل علي
العلم والطب أن يحيي من مات مرة أخري لأن الله سبحانه هو الذي يحيي ويميت وهو علي كل شئ قدير ..
هكذا كان كل رسول يأتي إلي قومه ، تكون معجزته مقصورة علي القوم الذين أرسل إليهم ، وتنتهي بعد حدوثها ولا يراها إلا من كان موجوداً فهي لا تحدث إلا مرة واحدة عدا سيدنا
محمد صلي الله عليه وسلم فقد أيده الله بنوعين من المعجزات كما سنري فى قصة سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام ..
ولنعد الآن إلي سيدنا عيسي عليه السلام وبني إسرائيل ونري ماذا سيحدث بينه وبين قومه ..
ذات يوم خرج سيدنا عيسي عليه السلام ومعه مجموعة من المؤمنين برسالته المخلصين لدعوته وهم الحواريون خرجوا يدعون الناس إلي الإيمان بالله .. ينتقلون من قرية
إلي أخري وكانوا يتحملون مشقة السفر وقلة الطعام والماء وإيذاء الكفار لهم واستهزاءهم بهم .
وانتهي بهم المطاف يوماً إلي صحراء واسعة لا زرع فيها ولا ماء فجلسوا يستريحون وقد ظهر عليهم التعب والإجهاد كانوا جائعين جداً وليس معهم طعام ولا شراب .
جلسوا يتدارسون فى الدين ويسألون نبي الله عيسي ويتعلمون منه ويفكرون فى أحسن الوسائل لنشر دين الله وإقناع الكافرين .
وخطر ببال الحواريون سؤال ، لكنهم ترددوا فى إلقائه علي سيدنا عيسي وأخيرا وبعد تردد شديد قالوا : يانبي الله : هل يستطيع ربك أن ينزل علينا مائدة من السماء ..؟
دهش سيدنا عيسي عليه السلام وتعجب من سؤالهم هذا وقال لهم : أتشكون فى أني رسول الله ..؟ لقد رأيتم أمام اعينكم المعجزات التي أجراها الله علي يدي رأيتم كيف
أحييت الموتي بإذن الله وجعلت الأعمي يبصر وشفي الله الأبرص بيدي كل ذلك دليل علي قدرة الله وأني حقاً رسوله يؤيدني بالمعجزات .
قال الحواريون : نحن صادقون فى إيماننا بالله ورسالتك وكل ما نريد هو أن يزداد إيماننا ولتكون المائدة دليلاً جديداً علي صدق دعوتك أمام أعين الناس ثم إننا جائعون ونريد أن
نأكل لنقوي علي مواصلة السير لنشر الدعوة .
فكر سيدنا عيسي عليه السلام فيما قالوا : وتأكد له أنهم صادقون فى إيمانهم وأنهم لم يسألوا عن شك فى الله أو فى أنه رسول الله من عنده ورفع عيسي وجهه إلي السماء ودعا
الله أن ينزل عليهم مائدة من السماء قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ اللَّهُمَّ رَبَّنَا أَنزِلْ عَلَيْنَا مَائِدَةً مِّنَ السَّمَاء تَكُونُ لَنَا عِيداً لِّأَوَّلِنَا وَآخِرِنَا وَآيَةً مِّنكَ وَارْزُقْنَا وَأَنتَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ .. المائدة 114 ..
استجاب الله لدعاء رسوله وقال : قَالَ اللَّهُ إِنِّي مُنَزِّلُهَا عَلَيْكُمْ فَمَن يَكْفُرْ بَعْدُ مِنكُمْ فَإِنِّي أُعَذِّبُهُ عَذَابًا لاَّ أُعَذِّبُهُ أَحَدًا مِّنَ الْعَالَمِينَ ..المائدة 115 .
ونزلت المائدة من السماء تنحدر بين غمامتين وصارت تهبط شيئاً فشيئاً وسيدنا عيسي عليه السلام يدعو الله أن يجعلها خيراً وبركة لا شراً أو نقمة حتي استقرت المائدة علي
الأرض بين يدي سيدنا عيسي عليه السلام فأكلوا منها باسم الله خير الرازقين .
قال تعالي : إِذْ قَالَ الْحَوَارِيُّونَ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ هَلْ يَسْتَطِيعُ رَبُّكَ أَن يُنَزِّلَ عَلَيْنَا مَائِدَةً مِّنَ السَّمَاء قَالَ اتَّقُواْ اللَّهَ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ
قَالُواْ نُرِيدُ أَن نَّأْكُلَ مِنْهَا وَتَطْمَئِنَّ قُلُوبُنَا وَنَعْلَمَ أَن قَدْ صَدَقْتَنَا وَنَكُونَ عَلَيْهَا مِنَ الشَّاهِدِينَ
قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ اللَّهُمَّ رَبَّنَا أَنزِلْ عَلَيْنَا مَائِدَةً مِّنَ السَّمَاء تَكُونُ لَنَا عِيداً لِّأَوَّلِنَا وَآخِرِنَا وَآيَةً مِّنكَ وَارْزُقْنَا وَأَنتَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ
قَالَ اللَّهُ إِنِّي مُنَزِّلُهَا عَلَيْكُمْ فَمَن يَكْفُرْ بَعْدُ مِنكُمْ فَإِنِّي أُعَذِّبُهُ عَذَابًا لاَّ أُعَذِّبُهُ أَحَدًا مِّنَ الْعَالَمِينَ .. المائدة 112-115 ..
وذات يوم خرج عيسي عليه السلام والحواريون من حوله فلما رآه اليهود قالوا : جاء الساحر .. ابن الساحرة وشتموه وقذفوه بالحجارة وارتفعت أصوات اليهود تقول :
اقتلوه .. اقتلوا هذا الساحر وهجموا عليه فالتف حوله الحواريون وأخذوا سيدنا عيسي وانطلقوا به إلي دار أحدهم وكان من بين تلاميذه رجل خائن يدعي يهوذا الاسخريوطي
وهو أحد الحواريون المنافقين الذي أشار إليه المسيح بقوله إن بعضكم ممن يأكل ويشرب معي يسلمني كان هذا الرجل يعرف الموضع الذي اختبأ فيه المسيح فدل عليه وعلي مكانه
طمعاً فى المكافأه التي سيأخذها إن دل علي مكان عيسي ، وكانت ثلاثين درهماً فأسرع اليهود إلي المكان الذي يختبأ فيه عيسي عليه السلام وكسروا الباب علي عيسي وأصحابه
ولما دخلوا ألقي الله شبه عيسي علي ذلك الخائن يهوذا فأخذه اليهود وهو يظنون أنه عيسي فقتلوه وصلبوه ورفع الله سيدنا عيسي عليه السلام إليه . يقول الحق عز وجل :
وَقَوْلِهِمْ إِنَّا قَتَلْنَا الْمَسِيحَ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ رَسُولَ اللَّهِ وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَكِن شُبِّهَ لَهُمْ وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُواْ فِيهِ لَفِي شَكٍّ مِّنْهُ مَا لَهُم بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلاَّ اتِّبَاعَ الظَّنِّ وَمَا قَتَلُوهُ يَقِينًا .. النساء 157 ..
كان عمر سيدنا عيسي عليه السلام حين رفعه الله إليه ثلاثة وثلاثون سنه ، فتكون مدة دعوته لبني إسرائيل ثلاثة سنوات لأن بعثته كانت فى الثلاثين من عمره .
إن عقيدتنا نحن المسلمون فى موضوع صلب المسيح هي العقيدة الصحيحة التي أخبرنا بها القرآن الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه وهي أن الله نجي عيسي من اليهود
ورفعه إليه حياً بجسده وروحه وألقي شبهه علي الخائن يهوذا الذي دل اليهود علي مكانه فصلبوه وهم يعتقدون أنه عيسي بن مريم أراد الله أن يكرم عبده ورسوله عيسي ويرد عليه
كيد اليهود (ومكروا ومكر الله والله خير الماكرين ) ...
أصدقائي الأعزاء لم تنته مهمة المسيح عيسي بن مريم بعد وسينزل الأرض ليتمم رسالته ويبلغ دعوته فهو حي فى السماء رفعه الله إليه بروحه وجسده وقد أخبرنا سيدنا محمد صلي
الله عليه وسلم بذلك ونحن نؤمن بما أخبر به القرآن وبما حدث عنه الصادق المصدوق فقال صلي الله عليه وسلم : يوشك أن ينزل فيكم عيسي بن مريم حكماً مقسطاً فيكسر
الصليب ويقتل الخنزير ويضع الجزية ..
وسيحكم بشريعة القرآن فلا يقبل من أحد إلا الإسلام صلوات ربي وسلامه عليه وعلي سيدنا محمد وعلي سائر الأنبياء والمرسلين .
ذلك عيسي بن مريم قول الحق الذي فيه يمترون .. صدق الله العظيم
وأخيراً استجاب الله دعاء حنة وجاءتها البشارة . لقد حملت وبدأ الجنين يتحرك فى بطنها فرحت حنة فرحاً شديداً ، وغمرتها السعادة . لقد حقق الله لها أمنيتها رغم أنها
تقدمت فى السن ، وزوجها شيخ كبير . ونذرت أن تهب مافي بطنها لخدمة بيت الله (بيت المقدس (
ومرت الأيام وحين وضعت حنة مولودها حزنت حزناً شديداً لأن المولود كان أنثي ، والأنثي لا تصلح لخدمة بيت الله وقالت : فَلَمَّا وَضَعَتْهَا قَالَتْ رَبِّ إِنِّي وَضَعْتُهَا أُنثَى وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا وَضَعَتْ وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالأُنثَى وَإِنِّي سَمَّيْتُهَا مَرْيَمَ وَإِنِّي أُعِيذُهَا بِكَ وَذُرِّيَّتَهَا مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ .. آل عمران 36
رحم الله ضعف هذه الأم ، وقبل نذرها فى أن تكون ابنتها خادمة لبيت الله .
أسرعت حنة ولفت ابنتها مريم فى ثيابها وحملتها إلي بيت المقدس ثم أعطتها للأحبار فيه ، وقالت لهم : هذه ابنتي ، وقد نذرتها لخدمة بيت الله . وعادت إلي بيتها مطمئنة
القلب ، ومرتاحة البال . فقد أدت ماعليها من نذر لله .
وتسابق الأحبار ، كل منهم يريد أن يتولي أمر مريم وتربيتها فقال لهم زكريا : أنا أحق منكم جميعاً بتربيتها لقد مات أبوها (عمران)وأنا زوج خالتها ..
لكن كل واحد منهم أصر علي موقفه وأخيراً اتفقوا علي عمل قرعة وهي أن يذهبوا جميعاً إلي النهر وكل واحد يلقي بقلمه فيه فمن يطفو قلمه علي سطح الماء هو الذي يتولي أمر
مريم .
وهناك علي شاطئ النهر وقفوا وألقي كل واحد قلمه فى الماء فغاصت الأقلام كلها فى النهر إلا قلم سيدنا زكريا عليه السلام فقد طفا علي سطح الماء : ذَلِكَ مِنْ أَنبَاء الْغَيْبِ نُوحِيهِ إِلَيْكَ وَمَا كُنتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يُلْقُون أَقْلامَهُمْ أَيُّهُمْ يَكْفُلُ مَرْيَمَ وَمَا كُنتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يَخْتَصِمُونَ .. آل عمران 44 .
تولي سيدنا زكريا عليه السلام أمر مريم وتربيتها وبني لها غرفة عاليه فى بيت المقدس وظل يخدمها ويوفر لها كل حاجاتها ، نشأت مريم فى محرابها ، تعبد الله فى خشوع وضراعة
وتخدم فى بيته وفاءاً لنذر أمها حنة .
وذات يوم دخل عليها زكريا المحراب فدهش لما رآه .. لقد وجد عندها طعاماً لم يحضره لها ، فسألها فى استغراب : من أين لك هذا ..؟ من الذي أحضر لك هذا الطعام ،
وأنت فى مكان لا يدخل عليك أحد ..؟! قالت مريم : هو من عند الله ، إن الله يرزق من يشاء بغير حساب .
كان زكريا كلما دخل علي مريم المحراب يجد عندها طعاماً لم يحضره لها وفى الشتاء يجد عندها فاكهة الصيف وفى الصيف يجد عندها فاكهة الشتاء أدرك زكريا أن الله سبحانه
وتعالي قد اختص مريم بمنزلة كريمة ، وأنه قد اصطفاها دون سائر النساء .
كانت الملائكة تأتي إلي مريم فى محرابها ، تبشرها بأن الله منحها منزلة عالية وفضلاً عظيماً وعليها ان تقابل ذلك بشكر الله وحمده وأن تكثر من عبادته فكانت كل وقتها فى عبادة
الله وخدمة بيته حتي كبرت وأصبحت شابة ناضجة ..
وذات يوم وبينما مريم تعبد الله فى خشوع ظهر أمامها ملك من السماء فى صورة إنسان وقال لها : أنا رسول ربك جئت أبشرك بأن الله سيهب لك ولداً زكياً .
دهشت مريم من كلام الملك ، وتساءلت : كيف يكون لي ولد وأنا فتاة لم أتزوج ..؟ قال الملك : قَالَ كَذَلِكِ قَالَ رَبُّكِ هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ وَلِنَجْعَلَهُ آيَةً لِلنَّاسِ وَرَحْمَةً مِّنَّا وَكَانَ أَمْرًا مَّقْضِيًّا .. مريم 21 .
جلست مريم حائرة تفكر فيما قاله الملك ، وتخيلت ماسيقوله الناس عنها .. عن فتاة تحمل وتلد من غير أن يكون لها زوج . لا شك أنهم سوف يتهمونها بسوء الخلق ويشكون
فى سلوكها .
لقد أصبحت مريم من يومها تحب العزلة وتميل إلي الجلوس وحدها ، كئيبة حزبنة تفكر فى هذا السر الرهيب فى بطنها . لا تهنأ بطعام أو شراب حتي أحست بالجنين يتحرك فى
بطنها فخافت من الفضيحة والعار ..!! عندئذ ذهبت مريم إلي واد للرعاة مهجور وجلست فيه وحدها بعيداً عن أعين الناس إلي أن حانت ساعة الولادة فاتكأت علي جذع
نخلة وقالت : فَأَجَاءَهَا الْمَخَاضُ إِلَى جِذْعِ النَّخْلَةِ قَالَتْ يَا لَيْتَنِي مِتُّ قَبْلَ هَذَا وَكُنتُ نَسْيًا مَّنسِيًّا .. مريم 23
ثم وضعت مولودها عيسي عليه السلام ولم يكن معها أحد يساعدها فى مثل هذه الحالة التي تحتاج فيها المرأة إلي المساعدة . لكن الله كان معها وهو كافيها .
حملت مريم وليدها ، وعادت إلي قريتها وحين رآها أهل القرية أصابتهم الدهشة والعجب وصرخوا فى وجهها بعضهم يتهمها فى شرفها وعرضها وبعضهم مشفق عليها ويقول لها
يا مريم لقد كان أبوك رجلاً عالماً وصالحاً وكانت أمك امرأة فاضلة فَأَتَتْ بِهِ قَوْمَهَا تَحْمِلُهُ قَالُوا يَا مَرْيَمُ لَقَدْ جِئْتِ شَيْئًا فَرِيًّا
يَا أُخْتَ هَارُونَ مَا كَانَ أَبُوكِ امْرَأَ سَوْءٍ وَمَا كَانَتْ أُمُّكِ بَغِيًّا .. مريم 27-28
لقد تعرضت الأم مريم لمحنة قاسية ، لم تتعرض لها أم شريفة عفيفة ولكنها واجهتها وتحملتها مؤمنة بربها راضية بأمره وقضائه ..
ولم تجد مريم جواباً علي اتهامات الناس غير ان لجأت إلي الله وأشارت إلي ابنها الرضيع وقالت : إسألوه . تعجب القوم من مريم كيف يسألون طفلاً رضيعاً لا يستطيع الكلام
لكن الجواب جاءهم عن لسان هذا الوليد حين أنطقه الله وقال لهم : قَالَ إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ آتَانِيَ الْكِتَابَ وَجَعَلَنِي نَبِيًّا .. مريم 30
ذهل القوم من هول المفاجأة وآمنوا بأن لهذا الطفل شأناً عظيماً وإن كلامه وهو فى المهد آية من الله علي براءة مريم من كل شك أو سوء خلق ..
لكن بعض الناس ممن لم يسمعوا عيسي يتكلم ظنوا أن هذه حيلة من اهل مريم لتبرئتها من تهمتها وظلوا يتهمونها بسوء الخلق .
فى وسط كل هذه الاتهامات والشكوك عاشت مريم ولا هم لها إلا تربية ابنها ورعايته كانت تتحمل نظرات الشك فى عيونهم بنفسية المؤمن الواثق بطهارته والمطمئن لحكمة ربه .
ولما شب عيسي عليه السلام أرسلته الأم مريم ليتعلم فأقبل عيسي علي التعليم وأحبه حتي عرف بين زملائه بالذكاء وحسن الخلق وكان مضرب الأمثال فى فهمه وتصرفاته وحين
علم اليهود بأمر هذا الغلام المبارك خافوا منه وحقدوا عليه وتوعدوه بالإيذاء والسوء خافت الأم مريم علي ابنها من اليهود فهي تعلم غدرهم وسوء نياتهم فأخذته وفرت به إلي مصر
لتحميه منهم .
وهناك فى مصر أقامت مريم تعمل وتكدح لتربي ولدها وتوفر له كل أسباب الراحة كانت تغزل الكتان وتبيعه وتلتقط سنابل القمح فى أيام الحصاد وهي تحمل عيسي علي كتفها
وعلي الكتف الآخر تضع الوعاء الذي تجمع فيه السنابل ، ولما بلغ عمر عيسي ثلاث عشر سنه عادت به إلي القدس وأقامت فى بلده تسمي الناصرة .
كانت دائماً تلاحظ عيسي وتراقبه وتخاف عليه من اليهود وتبذل كل جهدها فى تربيته وتعليمه ، كانت تعده لليوم الموعود الذي ينتظره حتي بلغ عمره ثلاثين عاماً ..
وفى أحد الأيام صعد عيسي مع أمه جبل الزيتون وبينما هو يصلي ، إذا بنور يملأ المكان من حوله وجاءه وحي الله يخبره بأن الله اختاره نبياً مرسلاً إلي بني إسرائيل لينشر بينهم
رسالة المحبة ويعيدهم إلي طريق الله الحق .
جلس عيسي مع امه التي تولت رعايته وتربيته وحدها وتحملت فى سبيل ذلك العناء والمشقة حتي صار رجلاً بين الرجال ..
وقص عليها أمر الوحي الذي جاءه من ربه وأصبح عليه من الآن أن يستحمل عبء الرسالة ومشقة الدعوة إلي طريق الله الصحيح وتبليغها إلي الناس وأنه لم يعد قادراً علي البقاء
معها إن مسئوليات الرسالة التي كلفها ستشغله عن كل شئ حتي أمه .
كانت مريم تسمع حديث ابنها وقلبها يرفرف من الفرحة والسعادة إن ابنها الذي اتهمها الناس فى شرفها عندما ولدته والذي تولت تربيته والعناية به أصبح اليوم رسولاً من الله إلي
الناس فقالت له : يابني .. إني علمت ذلك قبل أن تولد ، اذهب يابني لتبليغ دعوة الله ونشر دينه .
فارق عيسي أمه بعد أن عاش معها ثلاثين عاماً قامت خلالها بإعداده للعمل العظيم الذي ينتظره .. بدأ سيدنا عيسي عليه السلام يدعو إلي عبادة الله الواحد ، وأخذ يدعو بني
إسرائيل إلي الإيمان وقال لهم :- إني رسول الله إليكم أدعوكم إلي طاعة الله الواحد القهار ، وترك المعاصي التي تغضب الله لكن القوم لم يستمعوا إليه وسخروا منه فأحس
عيسي عليه السلام بالحزن علي قومه وأراد لهم الهداية فقال لهم : هل تؤمنون بالله إن جئتكم بمعجزة ..؟
قالوا له وما هي هذه المعجزة ..؟ قال عيسي : وَرَسُولاً إِلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنِّي قَدْ جِئْتُكُم بِآيَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ أَنِّي أَخْلُقُ لَكُم مِّنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ فَأَنفُخُ فِيهِ فَيَكُونُ طَيْرًا بِإِذْنِ اللَّهِ وَأُبْرِئُ الأَكْمَهَ وَالأَبْرَصَ وَأُحْيِي الْمَوْتَى بِإِذْنِ اللَّهِ وَأُنَبِّئُكُم بِمَا تَأْكُلُونَ وَمَا تَدَّخِرُونَ فِي بُيُوتِكُمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لَّكُمْ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ .. آل عمران 49
فقالوا له : إن فعلت ماتقول سنؤمن بك ، ونصدق ماتقول فأخذ عيسي عليه السلام الطين ، وشكله علي هيئة طائر ثم نفخ فيه ، فصار طائراً بإذن وطار أمامهم فى الفضاء .
فقال أحدهم : والله إنه لساحر .. وقال آخر : هل تستطيع ياعيسي يابن مريم أن ترد البصر إلي هذا الرجل الأعمي ..؟
رد عيسي : نعم .. بإذن الله .. فتقدم إليه الرجل الإعمي ، فمرر سيدنا عيسي يديه علي عينيه ، ففتح الرجل عينيه وأبصر بإذن الله .
لكن القلوب إذا تحجرت عميت عن الحق ، وضلت وأضلت . ولم يؤمن قوم عيسي ولم يتبعوه ، بل قالوا له : لن نؤمن بك حتي تحيي الموتي .
سبحان الله .. كل هذه المعجزات تحدث أمامهم ، ويطالبون رسول الله بمعجزة أخري !! فما كان من عيسي إلا أن ذهب إلي قبر رجل وأمره أن يقوم بإذن الله ، فقام الميت
وخرج من قبره ، وهو ينفض رأسه من التراب ..
ومع كل هذا لم يؤمن بنو إسرائيل ، ولم يصدقوا عيسي عليه السلام ، بل قالوا حجة الكفر الأبدية : إنك سحرتنا ولن نصدقك أبداً وانصرفوا من حوله وتركوه وحيداً لم ييئس عيسي
عليه السلام من بني إسرائيل ، وظل يدعوهم إلي عبادة الله ويقول لهم : وَإِذْ قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُم مُّصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ وَمُبَشِّرًا بِرَسُولٍ يَأْتِي مِن بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ فَلَمَّا جَاءَهُم بِالْبَيِّنَاتِ قَالُوا هَذَا سِحْرٌ مُّبِينٌ .. الصف 6
فسأله أحد الرجال : ياعيسي هل تستطيع أن تخبرني ، ماذا أدخر فى بيتي ..؟ .. قال عيسي : تدخر فى بيتك كذا وكذا .. وذكر له مايدخره فى منزله .. فما
كان من الرجل إلا أن سكت ولم ينطق بكلمة ، فكل ماقاله عيسي عليه السلام صحيح ..
وأقبل العميان والمرضي إلي عيسي عليه السلام جماعات جماعات ، فكان عليه السلام يرد إلي العميان أبصارهم ويشفي المرضي من أمراضهم بإذن الله معجزات كثيرة أجراها
الحق علي يد سيدنا عيسي عليه السلام ليؤمن به بنو إسرائيل ، ولكنهم سدوا آذانهم عن سماع دعوة الحق ، فقال لهم عيسي : وَمُصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ وَلِأُحِلَّ لَكُم بَعْضَ الَّذِي حُرِّمَ عَلَيْكُمْ وَجِئْتُكُم بِآيَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ فَاتَّقُواْ اللَّهَ وَأَطِيعُونِ
إِنَّ اللَّهَ رَبِّي وَرَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ هَذَا صِرَاطٌ مُّسْتَقِيمٌ .. آل عمران 50-51 .
فقالوا له : لن نؤمن بك ياعيسي إن هذا سحر عظيم ..
فقال عيسي : مَنْ أَنصَارِي إِلَى اللَّهِ .. آل عمران 52 .
قَالَ الْحَوَارِيُّونَ نَحْنُ أَنصَارُ اللَّهِ آمَنَّا بِاللَّهِ وَاشْهَدْ بِأَنَّا مُسْلِمُونَ .. آل عمران 52 ،، ثم نظروا إلي السماء وقالوا : رَبَّنَا آمَنَّا بِمَا أَنزَلْتْ وَاتَّبَعْنَا الرَّسُولَ فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ
آل عمران 53 ..
وأود هنا أن أقول لكم يا أصدقاء أنه إذا جاء إنسان يقول : إنني رسول من عند الله . فهل يصدقه الناس أم يطالبونه بدليل قاطع علي أنه رسول ..؟ هكذا كان الناس يفعلون
مع الرسل الذين يرسلهم الله إليهم ، يدعونهم إلي عبادة الله الواحد ، وترك معتقداتهم الخاطئة . كانوا يطالبون الرسل بأدلة تثبت أنهم فعلاً مرسلون من الله وأنهم صادقون فيما
يبلغونه عن ربهم ولذلك شاءت إرادة الله أن يخص رسله بفعل أشياء يعجز الناس عن فعلها مهما أوتوا من علم وخبرة ومهارة ..
يفعلون أشياء غير مألوفة يستحيل علي غيرهم فعلها حتي تكون دليلاً قاطعاً علي أنهم فعلاً رسل الله .
هذه الأشياء التي يفعلها الرسل تسمي معجزات لأن الناس يعجزون عن فعل مثلها ولا يستطيع فعلها إلا الله عز وجل والذي يخص بها رسله وانبياءه ..
كما كان الله يخص كل رسول بمعجزة من جنس مانبغ فيه قومه ، حتي يعجزوا عن فعلها علي الرغم من نبوغهم وتكون دليلاً علي صدقه .
إن قوم سيدنا عيسي عليه السلام نبغوا فى الطب وعلاج المرضي ، وتقدموا فى هذا المجال جداً لذلك كانت معجزته من نفس مانبغ فيه قومه كان عليه السلام كما ذكرت لكم يشفي
المرضي الذين عجز الأطباء فى شفائهم ، بل ويستحيل عليهم فعل ذلك ، رغم تقدمهم فى الطب كان يشفي من ولد أعمي فيعيد إليه بصره ويستحيل علي الأطباء شفاؤه حتي فى
عصرنا هذا رغم تقدم الطب والعلم .
بل إنه كان يحيي الموتي بإذن الله ، فكان الميت يخرج من قبره حين يدعوه ويتكلم ويراه من يعرفه ويعرفونه ثم يموت بعد ذلك ويعيدون دفنه هذه معجزة أيده الله بها ويستحيل علي
العلم والطب أن يحيي من مات مرة أخري لأن الله سبحانه هو الذي يحيي ويميت وهو علي كل شئ قدير ..
هكذا كان كل رسول يأتي إلي قومه ، تكون معجزته مقصورة علي القوم الذين أرسل إليهم ، وتنتهي بعد حدوثها ولا يراها إلا من كان موجوداً فهي لا تحدث إلا مرة واحدة عدا سيدنا
محمد صلي الله عليه وسلم فقد أيده الله بنوعين من المعجزات كما سنري فى قصة سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام ..
ولنعد الآن إلي سيدنا عيسي عليه السلام وبني إسرائيل ونري ماذا سيحدث بينه وبين قومه ..
ذات يوم خرج سيدنا عيسي عليه السلام ومعه مجموعة من المؤمنين برسالته المخلصين لدعوته وهم الحواريون خرجوا يدعون الناس إلي الإيمان بالله .. ينتقلون من قرية
إلي أخري وكانوا يتحملون مشقة السفر وقلة الطعام والماء وإيذاء الكفار لهم واستهزاءهم بهم .
وانتهي بهم المطاف يوماً إلي صحراء واسعة لا زرع فيها ولا ماء فجلسوا يستريحون وقد ظهر عليهم التعب والإجهاد كانوا جائعين جداً وليس معهم طعام ولا شراب .
جلسوا يتدارسون فى الدين ويسألون نبي الله عيسي ويتعلمون منه ويفكرون فى أحسن الوسائل لنشر دين الله وإقناع الكافرين .
وخطر ببال الحواريون سؤال ، لكنهم ترددوا فى إلقائه علي سيدنا عيسي وأخيرا وبعد تردد شديد قالوا : يانبي الله : هل يستطيع ربك أن ينزل علينا مائدة من السماء ..؟
دهش سيدنا عيسي عليه السلام وتعجب من سؤالهم هذا وقال لهم : أتشكون فى أني رسول الله ..؟ لقد رأيتم أمام اعينكم المعجزات التي أجراها الله علي يدي رأيتم كيف
أحييت الموتي بإذن الله وجعلت الأعمي يبصر وشفي الله الأبرص بيدي كل ذلك دليل علي قدرة الله وأني حقاً رسوله يؤيدني بالمعجزات .
قال الحواريون : نحن صادقون فى إيماننا بالله ورسالتك وكل ما نريد هو أن يزداد إيماننا ولتكون المائدة دليلاً جديداً علي صدق دعوتك أمام أعين الناس ثم إننا جائعون ونريد أن
نأكل لنقوي علي مواصلة السير لنشر الدعوة .
فكر سيدنا عيسي عليه السلام فيما قالوا : وتأكد له أنهم صادقون فى إيمانهم وأنهم لم يسألوا عن شك فى الله أو فى أنه رسول الله من عنده ورفع عيسي وجهه إلي السماء ودعا
الله أن ينزل عليهم مائدة من السماء قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ اللَّهُمَّ رَبَّنَا أَنزِلْ عَلَيْنَا مَائِدَةً مِّنَ السَّمَاء تَكُونُ لَنَا عِيداً لِّأَوَّلِنَا وَآخِرِنَا وَآيَةً مِّنكَ وَارْزُقْنَا وَأَنتَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ .. المائدة 114 ..
استجاب الله لدعاء رسوله وقال : قَالَ اللَّهُ إِنِّي مُنَزِّلُهَا عَلَيْكُمْ فَمَن يَكْفُرْ بَعْدُ مِنكُمْ فَإِنِّي أُعَذِّبُهُ عَذَابًا لاَّ أُعَذِّبُهُ أَحَدًا مِّنَ الْعَالَمِينَ ..المائدة 115 .
ونزلت المائدة من السماء تنحدر بين غمامتين وصارت تهبط شيئاً فشيئاً وسيدنا عيسي عليه السلام يدعو الله أن يجعلها خيراً وبركة لا شراً أو نقمة حتي استقرت المائدة علي
الأرض بين يدي سيدنا عيسي عليه السلام فأكلوا منها باسم الله خير الرازقين .
قال تعالي : إِذْ قَالَ الْحَوَارِيُّونَ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ هَلْ يَسْتَطِيعُ رَبُّكَ أَن يُنَزِّلَ عَلَيْنَا مَائِدَةً مِّنَ السَّمَاء قَالَ اتَّقُواْ اللَّهَ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ
قَالُواْ نُرِيدُ أَن نَّأْكُلَ مِنْهَا وَتَطْمَئِنَّ قُلُوبُنَا وَنَعْلَمَ أَن قَدْ صَدَقْتَنَا وَنَكُونَ عَلَيْهَا مِنَ الشَّاهِدِينَ
قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ اللَّهُمَّ رَبَّنَا أَنزِلْ عَلَيْنَا مَائِدَةً مِّنَ السَّمَاء تَكُونُ لَنَا عِيداً لِّأَوَّلِنَا وَآخِرِنَا وَآيَةً مِّنكَ وَارْزُقْنَا وَأَنتَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ
قَالَ اللَّهُ إِنِّي مُنَزِّلُهَا عَلَيْكُمْ فَمَن يَكْفُرْ بَعْدُ مِنكُمْ فَإِنِّي أُعَذِّبُهُ عَذَابًا لاَّ أُعَذِّبُهُ أَحَدًا مِّنَ الْعَالَمِينَ .. المائدة 112-115 ..
وذات يوم خرج عيسي عليه السلام والحواريون من حوله فلما رآه اليهود قالوا : جاء الساحر .. ابن الساحرة وشتموه وقذفوه بالحجارة وارتفعت أصوات اليهود تقول :
اقتلوه .. اقتلوا هذا الساحر وهجموا عليه فالتف حوله الحواريون وأخذوا سيدنا عيسي وانطلقوا به إلي دار أحدهم وكان من بين تلاميذه رجل خائن يدعي يهوذا الاسخريوطي
وهو أحد الحواريون المنافقين الذي أشار إليه المسيح بقوله إن بعضكم ممن يأكل ويشرب معي يسلمني كان هذا الرجل يعرف الموضع الذي اختبأ فيه المسيح فدل عليه وعلي مكانه
طمعاً فى المكافأه التي سيأخذها إن دل علي مكان عيسي ، وكانت ثلاثين درهماً فأسرع اليهود إلي المكان الذي يختبأ فيه عيسي عليه السلام وكسروا الباب علي عيسي وأصحابه
ولما دخلوا ألقي الله شبه عيسي علي ذلك الخائن يهوذا فأخذه اليهود وهو يظنون أنه عيسي فقتلوه وصلبوه ورفع الله سيدنا عيسي عليه السلام إليه . يقول الحق عز وجل :
وَقَوْلِهِمْ إِنَّا قَتَلْنَا الْمَسِيحَ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ رَسُولَ اللَّهِ وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَكِن شُبِّهَ لَهُمْ وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُواْ فِيهِ لَفِي شَكٍّ مِّنْهُ مَا لَهُم بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلاَّ اتِّبَاعَ الظَّنِّ وَمَا قَتَلُوهُ يَقِينًا .. النساء 157 ..
كان عمر سيدنا عيسي عليه السلام حين رفعه الله إليه ثلاثة وثلاثون سنه ، فتكون مدة دعوته لبني إسرائيل ثلاثة سنوات لأن بعثته كانت فى الثلاثين من عمره .
إن عقيدتنا نحن المسلمون فى موضوع صلب المسيح هي العقيدة الصحيحة التي أخبرنا بها القرآن الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه وهي أن الله نجي عيسي من اليهود
ورفعه إليه حياً بجسده وروحه وألقي شبهه علي الخائن يهوذا الذي دل اليهود علي مكانه فصلبوه وهم يعتقدون أنه عيسي بن مريم أراد الله أن يكرم عبده ورسوله عيسي ويرد عليه
كيد اليهود (ومكروا ومكر الله والله خير الماكرين ) ...
أصدقائي الأعزاء لم تنته مهمة المسيح عيسي بن مريم بعد وسينزل الأرض ليتمم رسالته ويبلغ دعوته فهو حي فى السماء رفعه الله إليه بروحه وجسده وقد أخبرنا سيدنا محمد صلي
الله عليه وسلم بذلك ونحن نؤمن بما أخبر به القرآن وبما حدث عنه الصادق المصدوق فقال صلي الله عليه وسلم : يوشك أن ينزل فيكم عيسي بن مريم حكماً مقسطاً فيكسر
الصليب ويقتل الخنزير ويضع الجزية ..
وسيحكم بشريعة القرآن فلا يقبل من أحد إلا الإسلام صلوات ربي وسلامه عليه وعلي سيدنا محمد وعلي سائر الأنبياء والمرسلين .
ذلك عيسي بن مريم قول الحق الذي فيه يمترون .. صدق الله العظيم