تقول هذه التائبة:
ما أتعس الإنسان حينما يعيش في هذه الحياة بلا هدف،
وما أشقاه حين يكون كالبهيمة، لا همّ له إلا أن يأكل ويشرب وينام دون أن
يدرك سر وجوده في هذه الحياة.
لقد كان هذا هو حالي قبل أن يمنّ الله علي
بالهداية، لقد عشتُ منذ نعومة أظفاري في بيت متدين، وبين أبوين متدينين
ملتزمين، كانا هما الوحيدين الملتزمين من بين سائر الأقارب والمعارف، وكان
بعض الأقارب يلومون والدي -رحمه الله- لأنه لا يُدخل بيته المجلات الهابطة
وآلات اللهو والفساد، وينعتونه بالمتزمت والمعقد (!!!) بخلاف ذلك، كنت
مسلمة بالوراثة فقط، بل كنت أكره الدين وأهله، وأكره الصلاة، وطوال أيام
حياتي في المرحلة الدراسية المتوسطة والثانوية لم أكن أركع لله ركعة واحدة،
وإذا سألني والدي: هل صليت؟ أقول: نعم.. كذباً ونفاقاً ولقد كان لرفيقات
السوء دور كبير في فسادي وانحرافي حيث كنّ يوفرنَ لي كل ما أطلبه من مجلات
هابطة وأغانٍ ماجنة وأشرطة خليعة دون علم والدي.
أما اللباس فكنت لا ألبس إلا القصير أو الضيق.. وكنت أتساهل بالحجاب وأتضايق منه، لأنني لم أكن أدرك الحكمة من مشروعيته.
ومضت
الأيام وأنا على هذه الحال إلى أن تخرجت من المرحلة الثانوية، واضطررتُ
بعد التخرج إلى مغادرة القرية التي كنا نسكنها إلى الرياض لإكمال الدراسة
الجامعية.
وفي السكن الجامعي، تعرفتُ على صديقات أخريات، فكنَّ يشجعنني
على ما كنتُ عليه من المعاصي والذنوب، إلا أنهن كنَّ يقلن لي: (على الأقل
صلي مثلنا ثم اعملي ما شئت من المعاصي).
ومن جهة أخرى كان هناك بعض
الأخوات الملتزمات، كن دائماً يقدمن لي النصيحة، إلا أنهن لم يوقفن في نصحي
بالحكمة والموعظة الحسنة، فكنتُ أزداد عناداً وإصراراً وبُعداً.
ولما
أراد الله لي الهداية وفقني للانتقال إلى غرفة أخرى في السكن، ومن توفيق
الله سبحانه أن رفيقاتي هذه المرة كنَّ من الأخوات المؤمنات الطيبات، وكن
على خلق عظيم وأدب جم، وأسلوب حسن في النصيحة والدعوة، فكنَّ يقدمن لي
النصيحة بطريقة جذابة، وأسلوب مرح، وطوال إقامتي معهن، لم أسمع منهن تأففاً
أو كلاماً قبيحاً، بل كن يتبسمن لي، ويقدمن لي كل ما أحتاجه من مساعدة،
وإذا رأينني أستمع إلى الموسيقى والغناء كن يظهرن لي انزعاجهن من ذلك ثم
يخرجن من الغرفة دون أن يقلن لي شيئاً، فأشعر بالإحراج والخجل مما فعلت،
وإذا عدنَ من الصلاة في مصلى السكن، كن يتفقدنني في الغرفة، ويبدين قلقهن
لعدم حضوري الصلاة، فأشعر في قرارة نفسي أيضاً بالخجل والندم، فأنا لا
أحافظ على الصلاة أصلاً حتى أصليها جماعة.
وفي أحد الأيام.. أخذتُ دوري
في الإشراف على الوحدة وقد ارتفع صوت الغناء، جاءتني إحدى رفيقاتي في
الغرفة، وقالتْ لي: ما هذا؟ لماذا لا تخفضي الصوت، إنك الآن في موقع
المسئولية فينبغي أن تكوني قدوة لغيرك.
فصارحتها بأنني أستمع إلى
الأغاني وأحبها، فنظرت إلىّ تلك الأخت وقالت: لا يأ أختي، هذا خطأ، وعليك
أن تختاري إما طريق الخير وأهله، أو طريق الشر وأهله، ولا يمكنك أن تسيري
في طريقين في آن واحد.
عندها أفقت من غفلتي، وراجعت نفسي، وبدأت أستعرض
في مخيلتي تلك النماذج الحية المخلصة، التي تطبق الإسلام وتسعى جاهدةً إلى
نشره بسوائل وأساليب محببة.
فتبت إلى الله، وأعلنت توبتي، وعدت لى رشدي،
وأنا الآن -ولله الحمد- من الداعيات إلى الله، ألقي الدروس والمحاضرات،
وأؤكد على وجوب الدعوة، وأهمية سلوك الداعية في مواجهة الناس، كما أحذر
جميع أخواتي من قرينات السوء... والله الموفق.
ما أتعس الإنسان حينما يعيش في هذه الحياة بلا هدف،
وما أشقاه حين يكون كالبهيمة، لا همّ له إلا أن يأكل ويشرب وينام دون أن
يدرك سر وجوده في هذه الحياة.
لقد كان هذا هو حالي قبل أن يمنّ الله علي
بالهداية، لقد عشتُ منذ نعومة أظفاري في بيت متدين، وبين أبوين متدينين
ملتزمين، كانا هما الوحيدين الملتزمين من بين سائر الأقارب والمعارف، وكان
بعض الأقارب يلومون والدي -رحمه الله- لأنه لا يُدخل بيته المجلات الهابطة
وآلات اللهو والفساد، وينعتونه بالمتزمت والمعقد (!!!) بخلاف ذلك، كنت
مسلمة بالوراثة فقط، بل كنت أكره الدين وأهله، وأكره الصلاة، وطوال أيام
حياتي في المرحلة الدراسية المتوسطة والثانوية لم أكن أركع لله ركعة واحدة،
وإذا سألني والدي: هل صليت؟ أقول: نعم.. كذباً ونفاقاً ولقد كان لرفيقات
السوء دور كبير في فسادي وانحرافي حيث كنّ يوفرنَ لي كل ما أطلبه من مجلات
هابطة وأغانٍ ماجنة وأشرطة خليعة دون علم والدي.
أما اللباس فكنت لا ألبس إلا القصير أو الضيق.. وكنت أتساهل بالحجاب وأتضايق منه، لأنني لم أكن أدرك الحكمة من مشروعيته.
ومضت
الأيام وأنا على هذه الحال إلى أن تخرجت من المرحلة الثانوية، واضطررتُ
بعد التخرج إلى مغادرة القرية التي كنا نسكنها إلى الرياض لإكمال الدراسة
الجامعية.
وفي السكن الجامعي، تعرفتُ على صديقات أخريات، فكنَّ يشجعنني
على ما كنتُ عليه من المعاصي والذنوب، إلا أنهن كنَّ يقلن لي: (على الأقل
صلي مثلنا ثم اعملي ما شئت من المعاصي).
ومن جهة أخرى كان هناك بعض
الأخوات الملتزمات، كن دائماً يقدمن لي النصيحة، إلا أنهن لم يوقفن في نصحي
بالحكمة والموعظة الحسنة، فكنتُ أزداد عناداً وإصراراً وبُعداً.
ولما
أراد الله لي الهداية وفقني للانتقال إلى غرفة أخرى في السكن، ومن توفيق
الله سبحانه أن رفيقاتي هذه المرة كنَّ من الأخوات المؤمنات الطيبات، وكن
على خلق عظيم وأدب جم، وأسلوب حسن في النصيحة والدعوة، فكنَّ يقدمن لي
النصيحة بطريقة جذابة، وأسلوب مرح، وطوال إقامتي معهن، لم أسمع منهن تأففاً
أو كلاماً قبيحاً، بل كن يتبسمن لي، ويقدمن لي كل ما أحتاجه من مساعدة،
وإذا رأينني أستمع إلى الموسيقى والغناء كن يظهرن لي انزعاجهن من ذلك ثم
يخرجن من الغرفة دون أن يقلن لي شيئاً، فأشعر بالإحراج والخجل مما فعلت،
وإذا عدنَ من الصلاة في مصلى السكن، كن يتفقدنني في الغرفة، ويبدين قلقهن
لعدم حضوري الصلاة، فأشعر في قرارة نفسي أيضاً بالخجل والندم، فأنا لا
أحافظ على الصلاة أصلاً حتى أصليها جماعة.
وفي أحد الأيام.. أخذتُ دوري
في الإشراف على الوحدة وقد ارتفع صوت الغناء، جاءتني إحدى رفيقاتي في
الغرفة، وقالتْ لي: ما هذا؟ لماذا لا تخفضي الصوت، إنك الآن في موقع
المسئولية فينبغي أن تكوني قدوة لغيرك.
فصارحتها بأنني أستمع إلى
الأغاني وأحبها، فنظرت إلىّ تلك الأخت وقالت: لا يأ أختي، هذا خطأ، وعليك
أن تختاري إما طريق الخير وأهله، أو طريق الشر وأهله، ولا يمكنك أن تسيري
في طريقين في آن واحد.
عندها أفقت من غفلتي، وراجعت نفسي، وبدأت أستعرض
في مخيلتي تلك النماذج الحية المخلصة، التي تطبق الإسلام وتسعى جاهدةً إلى
نشره بسوائل وأساليب محببة.
فتبت إلى الله، وأعلنت توبتي، وعدت لى رشدي،
وأنا الآن -ولله الحمد- من الداعيات إلى الله، ألقي الدروس والمحاضرات،
وأؤكد على وجوب الدعوة، وأهمية سلوك الداعية في مواجهة الناس، كما أحذر
جميع أخواتي من قرينات السوء... والله الموفق.